الأحد، 28 يوليو 2013

ماذا جنيت من عامي المنصرم؟

ماذا جنيت من عامي المنصرمِ، هل كنت أنتظر المنية إليّ تنتمي؟

أم أتلافى كل الأماني والطرق، ألم يكفي بأنّي مُت في عامي خمسون مرة وعشت ألف غيرها، أم تراني أسير حيث اللامنتهى، أبحث عن شيء بهِ الأيام تحتذى، كأنّ الحياة قبر وسّع كل من على وجه البسيطة، وتراب الأرض يشكو ألا ابتعدوا! فإنّ تراب الدهور بدمكم تشبّع، وأديم الأرضِ منكم تصدع، ملأتم القاع بأحقاد وكره لم توجد الأرض لأجله، بل للحياة التي اغتلتموها بأمطار من سراب، ليتَ السماء تمطر أمطار شُحنت من نهر النسيان،  لعلّنا ننسى ونحيا في الحياة، حياة لم تُغلف بالممات، قيل لي: احذر فأنّ الجهل مُزدحم ابحث عن ملاذ غيره، فـدفنت الشباب والفؤاد معًا لأبحث عن ملاذ يليق بالعمر، تشبثت بروحي وتماسَكت أحاسيسي فهل سأجني فكر مترامي؟ أم كنجم من أعالي السماء سأهوي للضَلال المغلف بالأنوار! مع إشراقة كل صباح أبني قصور حياتي من الآمال والأحلام، وإذا المساء حلَّ تغمرني رياحه الحُبلى بأدمعي، أغرق بالمحن والزمن وأنسى كل ما بنيته برفقة الصباح، وجرحٌ دامي غزى كل ساعات أيامي، أتجاهلهُ تارةً وأنام بأحضانه أيام وشهور، لم أعد أبصر الحياة، ألوان الحياة تخنق أنفاسي، حياة الأوراق كانت أكذب صدق كُتب عن الإنسان، الواقع ينزف والأرض تنحب والسماء تأنُّ حرارة، وغناء الطيور قرب شُرفتي لم يعد يغري مَسمعي، ولا جمال الأزهار يعانق مَبسم أعْيُني، أما ضحكة الأطفال تلكَ، هي نقاء بسيط، لم يدنسها القدر، لم تعرف طعم الكدر، ضيعنا طفولتنا لنهرم في شبابنا، ألم العيش قوي، والممات منه أشقى وأقسى، أما الحياة قست علينا كتاجر جشع، آدم ذنبك ألقى العقاب علينا بلا إستثناء، أنزلتنا لجحيم بعد فردوسنا العُليا، حواء يا حواء أضعنا السماء والخلود تعثرنا، غرقنا بعد النفي يا أماه، بعت الخلود لتشتري أحزان ليالينا، بعدكِ نحن أشقى الأشقياء، أما ابنك هابيل نزف دماءه لهذا اليوم لم تقف، الأرض سالت دماءها الطُهر وضحايا اليوم لا تعدّ ولا تحصى، أمسينا وأصبحنا بكأس الذهب نشرب دماء أخانا، وتلك العيون جفنها أصبح حزن وأسى تبكي الشباب المقتول، وآذان العدل تناثرت أشلاء ودماء، والشباب لاهي يرقص على ألحان ذكريات الأنقاض في الظلام كالأشباح، وغبار الذكريات ذاك المؤلم للفواد، لم أزح الغبار بل دفنته أعمق التراب، نسهر كل ليلة منشدين للحياة أناشيد مُلأت فوضى أسميناها لحن أسود غزى الفضاء، وغدا الإحساس ذكرى عابرة، وسهاد العين كل ليلة نسامرهُ لم يملّ مِنّا، وذاك الموت يحلق أعلى رؤوسنا، فأنا هنا يا حمقى لاتنسوني، أخبروني فقط لمَ كل هذا الصراع لأجل جاه ومال، يا أحمق ستفنى سـتفنى، فالعمر لا يتسع لصراع وقتال، كل يوم أتساءل متى العالم سيحتفل بالسلام، ألا يكفيكم بأنكم اخوة بالإنسانية! نعم نسيت الإنسان اغتالوه في ليلة أنارها القمر، سأغسل آثامي بدم قلبي المطعون، كل جرح فيه خلّف وراءه ضحايا وأشلاء، لم أُبالي بها بحذاء النسيان ممرت عليها، لا ألم ولا إختناق ابدًا، فإني اليوم أجدّتُ تمثيل دور الناسي اللامبالي، وذاكرة الفولاذ تلك أتقنت فتح ملفاتها متى أحببت وأغلقها بإحكام، كل نبضة لي كتبها الزمان بكفه في كتاب الحياة، غدًا سيمحي الكفن كل ما كتبت وتذوب الأوراق وتجف الأقلام، لذا سأتلحف أحرفي وأنام.

الخميس، 11 يوليو 2013

سفر لزخات المطر

أخفض رأسي لوسادة الإسترخاء
أغمض عينايّ لأرى نفسي في الشتاء
وأنا في الصباح أطير بروحي  للمساء
وأرى الشمس تغرب من جديد
وتأتي السحب محملة بكل وعيد و رعيد
وأرى البرق يُقبّل هامتي
وأمسك بيد حبيبتي وأتأمل عيناها
أي حياة بداخلها؟!
وخصلة شعرها تِلك التي داعبت وجنتاي وأنا غارق بعينيها
أًقبل خصلاتها وأشم عطرها
ساءلتها والمطر أغرقني:
بحق السماء من أنا عندكِ؟
بسمة خجل رافقتها وقالت:
صديق، قريب، حبيب، أب، أم، ودنياي ومناي ومحياي وأتنفس من رئتاكَ
و رب الخلود أنت شيء جميل، لو خُيرت بين كل أشيائي المهمة في حياتي وبين البقاء معك لأخترتك أنت وكفى، عشقتكَ عشق لا يمكن لبشر أن يتصوره،
منذ أن عرفتك لم أرى غير طريق السعادة، فأنا أحيا بِك، لم أكتفي مِنكَ في الدار أريدك معي في الجنة، أريد الخلود معك أنا وأنت فقط، أنت لي وحدي، حتى لو تحدثوا الناس عني وقالوا حمقاء أفنت عمرها لرجل لن أُبالي، احقًا لا تعرف من أنت عندي؟ 
وتضحك عندها وترعد السماء لضحكتها
وتبدأ السماء بالإحتفال بنا
فتنزل رحمة منها على شكل مطر
وأركض مع جميلتي وفستانها مبلل
وأمرّ بقرب ذلك الشارع الذي أغرقته زخات المطر
وأمد يدايّ ورأسي مرفوع للسماء
وثغري باسم الإحياء
أقبل أول قطرة لامست شفتايَّ
وأدعي ربي وعينايّ ترمقاها:
لا أبقاني الله في يوم لستِ فيه
أريد الموت على صدرك
فضربتني وأدمعت عيناها:
أحمق أنت؟ لا تقل موتك، فعمرك طويل ولن أستطيع العيش بعدك، فموتنا جماعي يا روح فؤداي
وقاطعتنا ضحكات أطفال صغار
يلعبون ويمرحون لا يبالون بالأمطار
ذاك يسابق أخاه ليحصل على قبلة من أمه
والآخر يُخبىء لعبته كي لا تخرب
وتلك الملاك الصغيرة أفديها بعمري
تخاف فستانها الأبيض أن يتسخ
وتغضب أمها
وأمّا بائع الخضار ذاك
فرحٌ ويقول ربي أغسلت بضاعتي برحمتك
فأرزقني من خيرات رزقك
وفجأة أسمع صوت يُنادي:
أخي قُم ألم يحن ميعاد عملك؟!
فأخبره بتعجب: اليوم إجازة يا شقيقي!

الثلاثاء، 9 يوليو 2013

أنين قهوة الصباح

صباح الثلاثين من شعبان
حملت اسم الثلاثاء
وجعلت القلوب صماء
ماذا حملت؟ قل لي أرجوك؟!
بالأمس وحتى هذا الصباح
إنهلت عليَّ التهاني بشهر يقال بأنهُ *خير الشهور*
أتعلم يا شهر أي خيبة حملت لي؟
كنت أحسب بأنها أول المُهنئين لي
فكل رسالة كانت تحمل التهاني و الورود
كُنت أنتقل لنهاية الصفحة
باحثًا عن اسمها
حتى ظننت بأنّ اسمها مُشفر بأحد تلك الصفحات
لا أجد حرفًا يشابه حرفها
أحقًا هي لن تأتي ولو كاذبة كي تقول
 *كل عام وانت الخير، و رمضان مبارك بك*
كل الدعوات التي أرسلتها للسماء لا أريدها حقًا
أريد واحدة فقط
دعوتها أمام عينيها رفعت رأسي للسماء وقلت
*يا إلهي لا تبقي أنفاسي في يوم لا أتنفسه من رئتيها*
لم تستجبها يا إلهي!
حتى إقتربت للكفر والإلحاد
-شككت حتى بوجودي أنا في هذا الوجود
هل أنا عدم أم شيء من خلود رمادي قاحل اللون
كُل ما تراه عيناي صور مجردة الإحساس
عرفت سرّ الوجود
هيَّ سرّه
كانت تبثُ الحياة في الحجر
حملتني من جزيرة مهجورة مُحترقة أشجارها
إلى  قلبها الفردوسي-
لماذا أنا يا إلهي؟؟!
هي دعوةٌ بسيطة التحقيق
دعني أموت بشكل أسرع
-أمام منزلها سيارة تمرّ كالبرق تطير بي للسماء مثلًا-
فأنا الآن أموت بشكل بطيء
ذقت مرّ الحياة وكل من يعلمني يعلمهُ
وهيَّ تعلم كل ما أخفيه وأجهره
كانت تداوي جراحي كل مساء
بعد كل معركة أخوضها بين طيات السماء
بلسم كانت لي و الرب
بإبرة تُخيط كُل جراحي بعبق من روحها
تتجرع دموعي بشفتيها
ترسم البسمة رغم أنف الألم
لا أذكر يومًا لم تقف بجانبي
كانت تشهر سيوفها ضد كُل حجر يقف بطريقي
وحتى بعد غيابها
لم تشهر سيفًا عليّ
سَحبت دروعها من فوق رأسي و أزاحت روحها عنّي
وهي تستر دمعتها بِكمها قالت:
أنا سأكون أعمق جرح مرّ عليكَ
و رحلت..! 
               رحلت..!
                              رحلت..!