السبت، 4 نوفمبر 2017

الحرية: بين معايير المجتمع والفرد

‏الحرية: بين معايير المجتمع والفرد.

الحرية هي أن تختار وتفعل ماتريد، هذا ما يقوله أغلب المطالبين بالحرية، سواء رجال أو نساء، ثم بعد ذلك يضعون لك المعايير الصحيحة ‏التي تجعلك إنسان حر، أن تفعل قناعاتهم الشخصية، أن يضعوك بهذا النمط العصري الجذاب، وهذه الشعارات التي لا تعلم لمٓ ترددها، لكنك ترددها، مثلًا في الآونة الأخيرة نرى استحقار للزواج، والأمومة، وكأنهم قيد ضخم، ربما هم أجنحة، لكن الأمر نسبي يعتمد على الأشخاص بحد ذاتهم، الزواج، الأمومة، هي من أسمى التجارب الوجودية، التي تتطلب منك الكثير، ربما تجد بها المعنى الذي هرب منك منذ سنين، الناس يخشونهم لأنهم يظنون بعد ذلك سوف تسرق حياتهم وأعمارهم البائسة، ربما تُزهر بعد ذلك، الأمومة شيء عظيم جدًا، أن ترى جزء منك خارج ذاتك!

‏ابحث عن نفسك بكل زوايا الكون، أينما وجدته اتبعها، لا تؤمن بالقيود مهما كانت مسمياتها، وقيد الحرية أشد قيد.

‏مثل الهوايات، أوقات لا أحب الخروج، أريد قضاء الوقت وحدي، هذا ما أريده أنا، لذلك لا يحق لأحد اجباري بالخروج كي أكون سعيد بمعياره، ‏البعض يهوى كرة القدم، الأفلام، القراءة، العزف، التأمل، أي شيء، ليس من حق أحد تسخيف هذه الأمور التي يعتبرها جدًا مهمة بالنسبة له، ‏أنمي ناروتو، أنتهى بعد مدة عرض دامت ١٥ سنة، أنا لا أتابعه أبدًا، لكن عندما أرى كيف يتحدث عنه البعض بحماسة وحب، أشعر بأنه فعلًا هنالك فقد وحب، ‏أن تعتاد على شيء كل هذه المدة، مهما كان، سوف تفقده لأنه أصبح جزء من حياتك، ‏بالتأكيد هنالك ما يجذبهم لمتابعته، فكرة ما، متعة جميلة، مهما يكن، تسخيف اهتمامات الآخرين ظلم كبير جدًا.
‏الآن أصبحت الأمور الجيدة هي التي يتبعها الأغلبية، يحددون كيف تقضي وقتك، أي سيارة تشتري، كيف تتزوج وبمن، واحذر أن تحاول أن تفعل شيء مختلف، ‏هم بالحقيقة يحبون الأفكار المختلفة والمتمردة، لكن يحبونها كفكرة مجردة فقط، إن لامست أرض الواقع أشهروا ألسنتهم كالسيوف.

-----

شاركوني تعلقياتكم ورأيكم، فهو يعني الكثير، وإن أعجبتكم التدوينة شاركوها الأصدقاء

الجمعة، 20 أكتوبر 2017

رسالة روح بشرية

أكتب إليك الآن وأنا أتأمل نجوم السماء، ٥٣ نجمة، نعم رقم حقيقي وليس عشوائي، قمت بعدّها وأنا مستلقٍ على صخرة، البحر هادئ هذه الليلة، جلست بالضفة الخالية من البشر، تصلني همساتهم على خجل، أرى أضواء المدينة من بعيد، دخان المصانع، تمر بخاطري الإنسانية وهذه الأرواح التائهة، إلى أين نتجه؟ ماذا نفعل بهذا الكوكب المتشبث بالفضاء؟ تدهشني هذه النجوم المتناثرة، هناك نجم يومض بشكل سريع، إن النجم يحتضر منذ سنوات كثيرة، وربما الآن لا وجود له، كل هذا بذمة السنوات الضوئية التي اكتشفها (أو ربما اخترعها) العلماء، لكن هل يحيا هناك مخلوقات حية غير الإنسان؟ هل فكرت يومًا بأن الإنسان ليس محور لهذا الكون؟ ربما لا أحد يكترث لنا، لا يوجد شيء مسخر لنا، نحن منسيون بهذه العتمة، نسير نحو العدم.

حاولت كثيرًا معرفة ماهية العدم، بدأت بإزالة كل شيء بشكل تدريجي، الأصوات من حولي، الصخور التي بقربي، التراب، البحر، المدينة، بكل أسى أزلت كل الأشخاص الذين أحبهم وأعرفهم، الذين أجهلهم كذلك، طرت نحو الفضاء، لا وجود لكوكب الأرض بعد الآن، صمت مطلق، لا أصوات ولا حراك، نجوم متناثرة أزلتها، بقيت وحيد جدًا، يجب أن أحذف ذاتي كي لا أكون، ويكون العدم، لا أعتقد بأنه ظلام دامس، لأن الظلام هو غياب الضوء، دائرة جهلي تتسع أكثر مما ظننت.

نسيم الهواء بارد لطيف، كأنه موسيقى ترحيبية بالشتاء، أحب الشتاء كثيرًا، يجعل كل شيء عميق، الأزقة والطرقات، ألوان الحياة تصبح أكثر وضوح وكأن رسام قد ضغط على الفرشاة كي يتركز اللون، هنا تتضخم وحدتك، يزداد شوقك للماضي، للذكريات بكل ما حوت من مشاعر متناقضة، تحنُ للموسيقى، لبخار كوب القهوة، لرائحتها ولمرّها بلا سكر، تترقب المطر والفردوس الأبدي، تعانق النار وتبحث عن سلام داخلي يعم الكون.

رأيت الكثير من المدن، لكل مدينة روح خاصة بها، بعضها يحتويني بكل حب، والآخر يرميني بلا أمل، للمكان ذاكرة وللزمن كذلك، أرواح من مرّوا من هنا، طويت الكثير من المسافات، تملكتني مشاعر مختلفة، سعادة، حب، حزن، خوف، تردد، خفة، خالطت أصناف متباينة من البشر، لكنني بقيت وحيد بلا وحشة تغزوني، تشكلني الحياة لأتغير بإستمرار، كإثبات وجود بالوجود، أجهل الكثير، كلما حاوت محو سطر بالعلم زادت حيرتي وجهلي، يتملكني غرور عابر وأقول: الآن عرفت الحقيقة! لا يبزغ الفجر قبل أن أضحك لهذا الغرور الكاذب وأعترف بأنني لا أعلم، هذا كل ما أعلمه.

***

يسرني جدًا قراءة تعليقاتكم فهي تعني لي الكثير.

السبت، 30 سبتمبر 2017

عيد ميلادك

عيد ميلادك.

دعونا نتفق على بعض المفاهيم، السنة هي الفترة التي تستغرقها الأرض لدورانها حول الشمس.

 من الجيد أن تعلم: يبلغ عمر كوكب الأرض حوالي 4.54 مليار سنة.

 كوكبنا كهل أكثر مما نتخيل!

ربما يكون هذا النص سوداوي بعض الشيء، خالٍ من الألوان ومليء بالحقائق الواقعية.

لا أعلم لماذا الناس سعداء جدًا، عندما يمر عام إضافي لوجودهم بهذا الكوكب، يحتفل بهم الأصدقاء والأحبة.

أكثر شيء يحزنني هو عندما أعلم بموعد يوم مولدي السنوي، أو من أحب، لأن هذا يعني ان عام نقص من العمر، من وجودنا هنا، انني ذاهب للصفر الأبدي، الذي لا عودة منه.

لذلك أنا لا أحتفل به، لأنه خطوة نحو الموت، الفقد.

لا أراه أسلوب للتعبير عن الحب والود، ما أجمل الهدايا التي تأتي بلا ميعاد، وما أرق كلمات الحب التي تقال بلا مناسبة غير المشاعر الصادقة التي تفيض من وجداننا.

الزمن هو الهاجس الذي يخيفني جدًا، حد الربكة والأرق، يقلقني، وبالخصوص لأني بأغلب أيامي أكون مسافر بعيد عن أهلي ومن أحب.

حلمٌ حلمت به منذ سنوات، لهذه اللحظة تأثيرة لا يزداد إلا قوة بداخلي كلما ذكرته، تفاصيله مشوشة بعض الشيء، الموقف الراسخ بذاكرتي هو: أنني رأيت أبي وقد شاب شعر رأسه، وكهُلت ملامحه كثيرًا، كنت أبكي حينها وأصرخ بشكل هستيري بوجه الزمن أن يقف، كفى! وكنت أتحدث مع والدي وأحرك يدي، بكلمات لم أعد أتذكرها، لكنني أتذكر الحزن العمق والدمعة تصاحبها.

الخوف من الزمن هو بدافع غريزة البقاء عند الإنسان، لا نريد أن نرحل من هذا الوجود، ونحن نعلم بأن هذا الأمر حتمي، لكن هناك صوت بداخلنا يرفض نقطة النهاية.

مع تطور العلم، عرف الإنسان التحكم بأمور كثيرة، نحن نجيد التعامل مع العناصر الكيمائية والاستفادة منها، نغير الخصائص الفيزيائية للأجسام ونشكلها كما نريد، وأكثر من ذلك، سيطرتنا الجزئية هي بالمكان، لكن الزمن عصي عن الفهم، عنيد لا تستطيع التحاور معه، انه لغز خفي.

"اننا لا نعدو أن نكون ذرات متناهية في الضآلة على سطح حبة من التراب مفقودة في اتساع العوالم غير المحدودة"


يسعدني ويشرفني قراءة تعليقاتكم💐

الأحد، 16 أبريل 2017

موسم الحصاد

موسم الحصاد

وردة تستقبلك:
أحاول جاهدًا أن أحيل الكون لقصيدة، وأرى كل ظاهرة فيه كبيت من القصيدة، أبحث عن ألوان الجمال المكنون فيه، هذه اللوحة العظيمة جدًا، أستخرج المعنى من كل ضربة فرشاة، حتى وإن صغُرت، وكل إنسان فيها يمثل جزء من هذه البشرية، نموذج حي يستحق التأمل.

بئر:
أراني على الشاطئ، طفلٌ صغير تحمله إمرأة..
كيف لنصِ روايةٍ ياباني أن يأخذني الى أعمق ذكرياتي المدفونة، المدفونة عبر الزمن، رواية لشخص غريب، تُعيد لي ذكرياتي الشخصية! أراني على الشاطئ، طفلٌ صغير يرتدي "شورت" أصفر على مايبدو، بشرته بيضاء لطيف، تحمله إمرأة ترتدي عباءة، وبقربها يقف طفل أكبر من سابقه (أخي الأكبر على ما يبدو) يرتدي كذلك "شورت" بُني اللون، وأسفل أقدام الجميع مياه بحر الخليج العربي، يداعبهم بموجه الناعم، يمدّهم بالحياة، لا أنسى ذلك الرجل الذي يحمل آلة التصوير، كأني به يبتسم وقد انخفض قليلًا كي تكون الصورة أكثر إحترافية، انه أبي، لا يظهر بالصورة، لكنه الفنان الذي وقّف اللحظة والشعور، والحاضر بالقلب لا بالألوان المادية، أرى المشهد يعود لي الآن بكل تفاصيله وانا على شاطئ البحر الأحمر، أشتاق لرؤياهم جميعًا حاضرًا أكثر من ماضي، أضرب باصبعي على هاتفي لأتحدث مع أخي، لأذكره بالصورة والبحر ونحن كعائلة بسيطة سعيدة، ليصدمني بتذكره رهبة رؤية البحر لأول مرة، للشعور الهائل الذي يبثه البحر بالنفس الإنسان منذ فجر التاريخ، لا أعلم كيف لهذا النص الياباني أن يكشف كل هذا من ذاتي! هل أعماق البشرية واحدة لا تختلف إلا بالعناوين التي تُسمى أسماء.


عصفور:
‏كان الغناء الوسيلة الوحيدة لمواصلة المسير بالحياة، كل نوتة كانت تطير بهم للسماء، للفضاء، أجنحة الحرية، كالفراشة هاربين للضوء، العمال بوسط أعمالهم الشاقة، لا يطلبون الماء، بل أغنية تروي عطشهم الجمالي، تلوّن هذا الرماد مجددًا، تخلق من كل احتراق شمعة، هي ليست بترف، بل احتياج حقيقي، لا أعلم لمٓ غفل عنه ماسلو بهرمه! هذا الذوق الجمالي، الذي يحدد مسيرة الإنسان الأخلاقية حتى، وإن أراد الإنسان ايقاف الموسيقى تواصل الطبيعة معزوفتها الأزلية الرائعة، بالفجر، قبل شروق الشمس، تبدأ العصافير سمفونيتها البديعة، شيء مذهل بحق! تغرد بشكل جنوني وكأنها تستقبل الشمس مجددًا، تأملها يضعك بحيرة لذيذة، كنت دائمًا أسمع صوت أمي تغني وهي بوسط أعمالها المطبخية-المنزلية التي لا تنتهي، أراها تبث السعادة وتخلق المزاج التي تريده، تتحدى التعب والملل، أسمع صوتها من بعيد، أذهب لأرى وجهها المليء بالفرح، لأسمع هذه الألحان العفوية التي تغنيها لنفسها، للمنزل وكل قطعة به، تعامل كل شيء كأنه حي، وربما هي التي تبث بهم الحياة، تنسج الشعور كما تشتهي، تمتلك روح الفنان ونظرته، صبغ العالم بمنطق خاص فريد جميل.

وردة حمراء:
انني لا أعرف إلا القليل بهذه الحياة، لكن لدي يقين واحد، أحبكِ، أحتاج قربك الآن وإلى الأبد، هذا الفقد الذي يعتري صدري، حولي الكثير من الأشخاص، والأشياء، لكن كل هؤلاء بلا طعم، بلا لون، ما فائدة أن يبقى الإنسان بين أشخاص لا يفهمونه حق الفهم، أن أبقى مختبئ داخل نفسي، لا أستطيع اظهارها كما هي، أبقى سجين أفكاري، لا لساني ينطق بكل ما بداخل رأسي، ولا قلبي يخرج ولو جزء بسيط من مشاعره، تعلمت هكذا أن أحيا بين جميع البشر، أستكشف أعماقهم، لكني أتمسك بدرعي كل لا يخترق أعماقي أحد، أهرب منهم جميعًا فجأة دون سابق انذار، بعد أن كنت رفيق يقاسمهم الليل، ورغيف الخبز، وأكواب الشاي بلا سكر، وبعض من موسيقاهم، أتحمل العزف دون أن أصرخ ما هذا! هكذا أتبخر شوقًا لكِ انتِ، لا حواجز بيننا، تدخلين نفسي، تتصفحين أسرارها، قلقها، هواجسها، مخاوفها الوجودية، وكل أحلامي المجهولة، تقلبين شكي محاولة للفهم، تبحثين عن أرض ثابتة، لكن لا ثبات سواك، انني جناح لا يؤمن بالسكون، ريح السماء تعصف بي، وأعصف بها، حقًا أفتقد نفسي، أشتاقك كثيرًا، سأظل هكذا عالقًا بالوجود إلى أن يحين اللقاء مجددًا.

جذور:
أراني أطير فوق ترنيمة مقدسة، ألحانها أجنحتي، خفة اليقين تجذبني على مهلٍ، أرقص مع السماء، روحًا بروح، تتمايل الأكوان، نبض قلبي يُشير للأبدية، للسلام والطمأنينة، هناك في الحلم البعيد، بمدن المعنى، وعي من البلور يشع بما تبقى من أفكاري، أخرج من إطار الحياة، أقاوم هذا الانصهار الغاوي، أتحول لبخار لا يؤمن بجاذبية الأرض الخلابة، أرفرف بكل ما أوتيت من صمتٍ، أتشكّل بالفضاء، جرمٌ سماوي يرسل وهجه للأبد، حتى وإن رحل.

شجرة:
سهلٌ جدًا أن تبقى على قيد الحياة وتستنزف الأنفاس، ولكن من العسير أن تبقى على قيد الوجود، تحافظ على وهج دهشتك، ولياقة مرونتك الفكرية، وأن تبقى مسلحًا بـ(لا) التمرد، أن تحسّن من ذاتك دون أن تفقد هويتك، ألا يجرفك التيار البشري وتضيع بصمتك الروحية بعاصفة التاريخ، أن تحرس ألعاب الطفل بداخلك وأغانيه البريئة حتى وإن كٓهُلت ملامح جسدك، أن يبقى رأسك مرفوع للسماء، للنجوم، للكواكب، ولا تمرغ رأسك بتوافه الأرض التقليدية الموروثة دون أي تعليل وعلم لحقيقتها، والأهم أن يبقى الإنسان على قيد الحب، والحب ليس قيد بل جناح.

طين:
رباه انني أبتلع العتمة كلما واصلت المسير، مد لي رشفة يقين تروي روحي التائهة، ارحم شكّي، فإنني أتجرع المعرفة والعلم وتتسع دائرة جهلي، كيف يزداد عطشًا من يشرب الماء، ارسل لي مطرًا يرشدني الطريق، لطالما رددت كثيرًا، اللهم أرني حقيقة الأشياء كما هي، لا أعلم هل انا حقًا أراها كما هي، أم رؤيتي غارقة بالزيف الذي يزينه المنطق البالي، لا أعلم، هذا فقط ما أعلمه. لا أعلم
‏رباه ارزقني الجٓلد على حث الخطى بهذه الحياة، زد رصيد صبري، ودهشتي، حيرتي، وكل ارتباكه وتردد أحمله، ضاعف شكي، أفكاري بكل تناقضاتها الجلية
‏خفف خوفي من الزمن، الذي لا أعلم ما هيته، انني أخشاه كثيرًا، فأنا إنسان بسيط، أغرس الأبجدية ولا أحصد نص اكتمل نضجه.

غصن:
كم أفتقد صداقتنا الفكرية يا إيڤان، تلك النزاعات الحادة، والتنوع الدائم، وسرد الجمال واغتياله، لحظات السلام والمحبة، أتذكر كم نظرية خيالية بنينا بلا أمل، لا أنسى أبدًا أول نص قرأته لي، كان صوتك يرتجف محفوف بالحزن والخوف والفرح والرهبة، أعجبك كثيرًا، أنت الذي تقول لي دائمًا: حروفك ركيكة يا صديقي يجب أن يشتد عودها، لكن نبرة صوتك فضحت الأثر العميق الذي بعثر داخلك، لا زلت أقضي الليل بحثًا عن قصيدة أو نص يربكني، أو أن أبحث عن لون جديد من الموسيقى يبعث لي الدهشة مجددًا، تشتاقك الروح، أنت وليالينا معًا، ننسج من الظلام وهجًا صريح العدمية والعبثية، نلعب بكل جدية، نواجه المواقف الجدية بكل مرح كأنها لعبة ليمر الوقت، بين ذلك الترحال والتجارب التي كنا نقطعها، لا شيء هنا يا صديقي، عُد، أريد ذاتي.
بالمناسبة أتذكر عندما أتيتني بمنتصف الليل تركض فرحًا وتصرخ: وجدتها! وجدت الحقيقة المطلقة، ثم تسرد لي فكرتك لساعات طوال، ثم يبزغ الفجر ونضحك معًا على حماقتك وفكرتك الذي حطمناها معًا.

بذور:
منذ صرخة الروح التي اتبثقت لهذا الوجود، والإنسان يلهث بكل حنجرته بحثًا عن المعنى، يسير على حبل الزمان حتى يقيده على خارطة المجهول التي لا تُرى إلا بعد حتمية السكون الأبدي، انه مشدود بين الأرض والسماء، تقطعه المادية وتخنق أنفاسه الروحانية التي تكبل هذا الجسد الهش، اننا نعزف بنوتة العمر الذي ينزف كلما اشتد الوتر، نفتش عن أصل الإنسان كي نضع أنظمة نسير على خطاها بهذه الحياة، نخترع نظريات لا أصل لها سوى عقلنا الذي وضعنا منطقه السليم على حد علمنا الزهيد جدًا، أجسادنا قيد لهذه الروح، تمزق أجنحتنا كي لا نصل للسماء يومًا ما، السماء يارباه كم من نجم يضيئها، كم من عوالم هناك في الأفق البعيد، هل انا كائن وحيد بهذا الكون الذي يتوسع بشكل متسلسل للأبد، اننا نحصد الوعي من بذور الجهل، جهلنا الأبدي ودافعنا للبحث الغامض، للسير بطرق المعرفة المليئة بقسوة الشتاء، برد ووحدة لا ينتهيان، لا قرار ولا ثبات دائم، نحطم كل مسلمّة عقلية نؤمن بها، حتى نعود لدائرة الفكر، لهذا القلق الفكري الذي يلازمنا، في كل حياتنا وأحلامنا، يهاجمنا بغتة بكل عنف، يسرقنا من روتين الحياة اليومي الراكد، يحملنا لأعلى قمم المجهول!

رمل:
كنت أفكر كثيرًا، لماذا يكتب الإنسان رسالةً أخيرة، وماذا سأكتب انا حين يأتي موعد رسالتي؟ لا أعلم هل هذه آخر رسالةٍ لي أم أنها الأولى، كل ما أعلمه بأنني أود أن أصرخ عاليًا، وأبكي بكل دمي ثم أنفجر، أن أخرج طاقات البشرية التي ابتلعتها روحي منذ ملايين السنين، بعتمة الفضاء الضخم، أشعر بضجر الكون الممتد للأبدية، أفتش بين أروقة الوجود عن ديمومة تحتوي وحشة صدري، كل شيء متوقع الحدوث في رحلة الحياة الجميلة ربما، لا شيء يخرج عن الأمور المنطقية عندما تعي هذه المنطقية العبثية! ربما الوحدة أو الشعور بهذه الوحدة الذي هو أقسى منها هو طبيعة الإنسان منذ إنبثاقه على ظهر كوكبنا المليء بمليارات الكائنات البشرية وغير البشرية، شعور عميق يعتريني عندما أتأمل النجوم والكواكب، ذهول، وحشة، أمان، ضياع، حنين، فراغ وكأن الوجود ثُقب، تناقضات لا نهائية، انني أتوق لمعانقة السماء، عناق سرمدي، الى أن أتحول للوحة سريالية!

نظرة بالمرآة قبل الخروج:
‏أتذكر عندما اخترعت "أوكتاڤيو" كنت فعلًا أحتاج للخروج من ذاتي، للتجرد، أن أغدو لوحة سريالية، أن أرسم وجود جديد، لا يؤمن بمنطق، ألوان تخرج من نفسي نقية من كل شيء، وأول الأشياء انا ذاتي، اصهرها، انسلاخ عما كانت غارقة فيه، أن أبعد عن اسمي ومحيطي، أحلق بالسماء وحيد متأمل، كنت وقتها مصاب بحمى فكرية شديدة، أرق يومي، نوم لساعات قليلة يتخللها أحلام فلسفية أحلل فيها كل شيء، أضع جميع المفاهيم على طاولة النقاش، بلا رحمة تبدأ الموسيقى وتبدأ المحاكمة، صراع أزلي على ما يبدو، أن تبدأ بالنقش على الحجر الذي كنت تظن أن خاوٍ من الروح والفن، هو هكذا وفقط
‏وكم يحتاج النقش لعزلة داخلية، الوحدة هي كل ما يحيط بك، لا تشعر بمن حولك، بعد أن خلعت رداء الإنتماء، لا شيء يهم، أن تبقى أو ترحل، لا فرق، كل تركيزك ينصب بهذه اللوحة التي تحتاج كل حواسك، وكل ما تبقى من عمرك، ليست هباءً منثور، بل هي الإنجاز الأسمى، ومعيار الإنجاز نسبي لا تنسى ذلك، الجبان فقط هو الذي لا يلحق بدلوه إن سقط بالبئر، انني أكتب لنفسي، لأبحث عنها وبها، وكان أوكتاڤيو مجرد أداء، أحيانًا أشعر بأن صلاحيته انتهت، لكنه يصمد، يتجدد ويشكل الرمال كما يريد.

(لاتنسى أن تكتب شعورك بالتعليقات)

الجمعة، 3 مارس 2017

المشي: بين الإنسانية والحداثة

السير: بين الإنسانية والحداثة.

‏مفتاح:
‏لم نعد نسير على اثنتين إلا نادرًا، فنحن نسير على أربعة عجلات بالغالب.

‏باب:
‏اليوم هو السبت، نهاية الأسبوع بالطبع يوم راحة لبدء أسبوع آخر والعمل مجددًا، استيقظت مبكرًا هذا الصباح، أكلت فطور جيد، وتجرعت موسيقى عميقة، وكان لدي موعد لصيانة سيارتي الصيانة الدورية بورشة الوكالة، انطلقت للوكالة، وأخبرني المسؤول هناك بأن سيارتي سوف تجهز عند العصر، وسألني إن أردت ان يوصلني لمنزلي، شكرته كثيرًا وأخبرته بأني سوف أتدبر أمري وخرجت، والآن فكرت هل أتصل بأحد الأصدقاء ليأتي، حتمًا لا بالتأكيد هم نائمون، أخرجت هاتفي وفتحت تطبيق الخرائط لأرى المسافة لمنزلي، ساعة وربع، وبدأت في السير على الأقدام، وهنا بدأت الدهشة والصدمة، لم تكن شوارع المدينة كما كنت أراها، هنالك حياة أخرى غير حياة السرعة التي نحياها داخل سياراتنا، أول أمر لفتني بأن شوارعنا ليست صالحة للمشي أصلاً، لا يوجد مكان للمشاة، ولا احترام لهم، رأيت أمور كثيرة لم أرها من قبل، كنت أقرب للناس، أرى تحركاتهم، تعابير وجوههم، والكثير من تفاصيل المباني والمحلات التجارية الصغيرة، الإحساس بالهواء وحرارة الشمس، قرب الإنسان لطبيعته وعفويته.

‏نافذة:
‏لا يعني هذا بأن هذه أول مرة امشي فيها، بالعادة أتمشى عند الشاطئ وبالحدائق، وأسير كثيراً عند السفر، ولكن لم أكن أسير بالطرقات التي اعتدت أن أمر عليها على عجل دون أن اتأمل ما حولي.
‏اعتدت السير والتجول لمدة ساعة وأحيانًا أكثر، المدة التي تسمح بها حالتي الفكرية والنفسية والمزاجية، وبالعادة أكون عند الشاطئ أو قرب المزارع أو الجبال، أحب أن أكون بقرب الطبيعة، أن أشعر بأني جزء منها، وهي جزء مني، ونحن كيان واحد لا يفصل بيننا شيء، أقلب أفكاري الفلسفية، أتأمل بعض الأمور الروتينية التي تبدو انها تافهة، أنصت للريح وهي تصم أذني، وتفتح جفن وعيي، أراقب الطيور عند الشاطئ وهي تحرك أعينها على عجل كي تحصل على سمكة للغذاء، وأنتظر كوكب الزهرة عند الغروب، فهو أول من يرسل وهجه لكوكبنا بعد القمر، هذا الكوكب الذي حيرني كثيرًا، يظهر قبل أن تعتم السماء، إن كنت لا تعرفه ستظن بأنه طائرة بعيدة، ثم مع الأيام ستتأكد من انه نجم سماوي يشع، والحقيقة هو كوكب بديع الجمال، أول مرة اكتشفته كنت مع زوجتي، نتأمله كل يوم، نتعجب من منظره المبهر، نتفكر في السماء والنجوم والكواكب والكون الضخم اللامتناهي، وعندما تمر أيام كثيرة ونحن بعيدين عن بعض، نرى الزهرة كمرآة لروحينا، دائمًا معنا، بالسماء، أينما كنا، فهو يرسل لنا نوره الجميل، وعندما بحثت عنه، وجدت بأنه كان يرمز قديمًا للحب والجمال!

‏أريكة:
‏هذه العادة التي فقدناها بسبب تفكيرنا بالبعيد واهمال القريب، نحب الذهاب لكل شيء بعيد عن منزلنا، ولا نلقي نظرة تأملية على ما هو قريب منا بالفعل، ضريبة التطور، هذه العجلات الأربع السريعة، التي جعلتنا دومًا على عجلة من أمرنا، تقود سيارتك، وأنت مشحون بطاقة سلبية هجومية، تشتم هذا، وتضايق السير على الآخر، وكأنك في معركة مصيرية بين حضارات تاريخية، تخالف الأنظمة المرورية، حتى ربط حزام الأمان الذي هو لحماية جسدك من الهلاك، لا تربطه! وهو لا يكلفك إلا ثوان قصيرة، ومجهود بدني بسيط جدًا، وبالعكس إن لم تربطه سيكلفك حياتك والكثير من الأضرار الجسدية، وقطع الإشارات الحمراء التي هي لتنظيم سير هذه المركبات، وتجاوز الآخرين بالإشارات بالسير على جانب الطريق ثم العودة للتقدم على الجميع، وكأنهم لا يريدون الذهاب وانت وحدك المهم جداُ، والأماكن المخصصة لمواقف السيارات، الكثير يركن سيارته بمنتصف الطريق ويسبب ازدحام واعاقة لحركة الآخرين، دون أن يبالي أو يهتم لغيره بكل أنانية، يريد الوقف أمام بوابة المحل التجاري تمامًا، والمضحك أن هنالك موقف متاح على بعد سبعة أمتار! لا أحد يريد السير والعناء، وكأننا مصابون بداء في أرجلنا، هذه النعمة التي فقدت قيمتها بأنفس البشر.

‏كوب قهوة:
‏في بعض الأحيان أقود سيارتي لمسافات بعيدة وأوقات كثيرة، تصل إلى 15 ساعة وأحيانًا 12 ساعة، وحدي بكل هذه الطرقات، أطوي المسافات التي لا تنتهي، أمر بكل الحالات النفسية الفكرية، والكثير من الأفكار العدمية، والمشرقة كذلك، أرى تضاريس مختلفة، أبقى وحدي انا وأفكاري التي جمعتها تملئ عزلتي بالحياة، أناقشها أحطمها تحطمني، ثم نكمل ما تبقى من مسافة أصدقاء كالظل وأكثر، والغريب حقًا، أن هذه الأفكار والتأملات هي التي تساعدني كثيرًا عندما أعود للحياة الطبيعية بين الآخرين، أرى موقعي بالكون، أجدد نظرتي له، للإنسان، والوجود، وهكذا أبني فلسفتي التي تجدد نفسها باستمرار، دون يقين بوجود نقطة للوقوف، لا يوجد سوى الكثير من الفواصل، لكن يجب علينا نعي بأنها فواصل وليست نقاط.

‏مصافحة الوداع:
‏كسائح أنظر للكون بدهشة!

هدية وتذكار:
عندما أشعر بضياع كبير، وحزن أضخم يجتاح صدري، أتصل لصديقي لنذهب لمزرعته بعتمة الليل، نذهب بعيد عن المدينة، نسير بالظلام بين الأشجار والنخيل لساعات طويلة، نتحدث عن كل شيء، ننصت للسماء، للنجوم والقمر، نراقب الطائرات الكثيرة الي تأتي وتذهب لمدينتنا.

أبيات أبو القاسم الشابي ترنُ في ذاكرتي:
«سَأَظلُّ أمشي رغْمَ ذلك، عازفاً
قيثارتي، مترنِّما بغنائي»
«أمشي بروحٍ حالمٍ، متَوَهِّجٍ
في ظُلمة ِ الآلامِ والأدواءِ»
النّور في قلبِي وبينَ جوانحي
فَعَلامَ أخشى السَّيرَ في الظلماءِ»
«إنّي أنا النّايُ الذي لا تنتهي
أنغامُهُ، ما دامَ في الأحياءِ»

وايليا أبو ماضي يقول:
جئت، لا أعلم من أين، ولكنّي أتيت
ولقد أبصرت قدّامي طريقا فمشيت
وسأبقى ماشيا إن شئت هذا أم أبيت
كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟
لست أدري!

ولا ننسى أحمد مطر:
قفوا ضدّي دعُوني أقتفي وَحْدي .. خُطى وَحْدي ! أنا مُنذُ اندلاع براعم الكلماتِ في مهدي قَطعت العمرَ مُنفرداً أصدُّ مناجلَ الحصدِ.

فكرة:
أقترح أن تكون المدونة القادمة لكم جميعًا ومنكم، أن نعمل صندوق بريد نضع فيه رسائلنا، جميع الرسائل التي ستصل والتي لن تصل أيضًا، سواء رسالة لصديق، حبيب، لنفسك، لشيء، لفكرة، لمكان، نرحب بجميع الرسائل، ومن يود أن يضع رسالته بهذا الصندوق فليتواصل معي عبر البريد.

octavi0o@hotmail.com

وبالنهاية ضع رأيك بالتعليقات يسعدني أن اقرأ كل حرف منكم.

الاثنين، 2 يناير 2017

ترويج السعادة

 أصوات عقلي عندما تبدأ معزوفة الصباح

تمهيد ربما
صديقي كان مسافر لبلد ما، كان سائح فضولي، كأي سائح تبحث عينه عن الدهشة، رأي حشد متجمع بشكل طابور بقرب نافذة صغيرة، ذهب مسرعًا وأخذ مكانه بالصف ورائهم، عندما وصل لنهاية الصف أعطاه الرجل الواقف هناك أوراق وعظيه تنشر تعاليم معتقدٍ ما، أخذ المنشورات ومشى يضحك من نفسه، ومن الأوراق، ما الذي حثه للوقوف والانتظار لشيء يجهله جملةً وتفصيلا؟

بدايةً
دعونا نتحدث عن السعادة ثم ننتقل للجمال.

ظاهرة انتشرت بالمجتمع المحلي، والعالمي حتى، الترويج للسعادة بأنها نمط واحد، وهو كما نرى نمط حياة المشاهير، والأثرياء، أن تمتلك الكثير من الأموال وتلتقط الكثير من الصور التي تثبت ذلك، وأن ترتدي الماركات العالمية الباهظة الثمن، ذلك الأمر الذي جعل متوسطي الدخل والفقراء أيضًا يسعون وراء هذه الأمور، التي تستنزف أموالهم وأعمارهم، متناسين بشكلٍ كلي الحياة النفسية الداخلية للفرد، وأن السعادة اساسًا هي شعور داخلي، كل فرد يجده في شيء مختلف عن الآخر، ربما أجد سعادتي في أمر يجلب التعاسة لك! السعادة أمر نسبي.

وما يحصل من حفلات ضخمة تكلف الفرد أموال لا يمتلكها أصلًا، حفلات الزفاف المبالغ بها، صالة أفراح ضخمة وفاخرة، ووجبة دسمة تكلف عشرات الآلاف، وتجهيزات لا تنتهي إلا بالديون التي سيدفعها الفرد لمدة سنوات، لأجل ساعات قليلة لا يوجد بها إلا السعادة الزائفة، هذا ما روّجه الأغنياء وتحمله نفقته الفقراء.
صديق لي قام بحفل زفاف فاخر، ولكنه لم يكن يمتلك غرفة نوم!

أما بالنسبة للترويج لمعايير الجمال، كما نرى أيضًا فإن المشاهير لهم تأثير كبير، يروّج أحيانًا بأن الجميلة هي القصيرة والنحيفة، وأحيانا العكس، الطويلة الممتلئة، وبأن الجميلة هي التي تضع المكياج الأكثر في الحفلات كما نرى، والمصيبة بأن بعض الفتيات هن أجمل بدون استعمال مساحيق التجميل، لكن هو تأثير الجمهور، الأغلبية الساحقة والمسحوقة، لا تستطيع الفتاة الذهاب لحفلة دون استعمال مساحيق التجميل، تردد (ماذا سيقولون عني).
الجمال نسبي ومتغير على مر الزمن، لو ألقينا نظرة على تاريخ الجمال لرأينا بأن كل حقبة زمنية لها معاييرها الخاصة للجمال، وكل بقعة جغرافية أيضًا لها معاييرها الخاصة،

موضة الاختلاف:
الأغلبية تسعى للاختلاف لأجل الاختلاف فقط، مما أدى لظهور فئات مختلفة بشكل مرضي مشوه، أًصبح الاختلاف هو تبعية عمياء هوجاء، دون وعي.

الثقافة:
موضة القراءة ثم الكتابة، أصبح القارئ أو القارئة شخصيات جذابة، لا يهم نوعية ما يقرأ ولمن يقرأ، المهم أن يقرأ وكفى، حتى لو كان يقرأ أتفه المؤلفات، وتبعًا لذلك ظهرت الكتب الهابطة، لمؤلفين مستواهم جدًا بسيط، لكن لديهم معجبين وجمهور يضخم لهم كل أعمالهم الساذجة، القرّاء يهمهم شكل الكتاب، وحجمه، بحيث لا يكون كثير الأوراق وصعب القراءة، لأنهم لا يمتلكون الكثير من الوقت لقراءة العلم الحقيقي، فيقرأون أشباه العلوم، ويصورون صور احترافية للورقة وينشرونها، وبذلك أصبحوا مثقفين من الدرجة الأولى ويتفلسفون بشكل سطحي مثير للشفقة،

اختلال المنطق:
المسلمات العقلية هي التي يتفق عليها غالب الجمهور، الأمور الحسنة والسيئة أيضًا هي من صنع يدهم.
ينصهر الإنسان بالمجتمع لدرجة أن يغفل عن أهدافه ومخاوفه الشخصية.
الجماعة تقوي الحقائق وتدعم الخرافات لتصبح حقائق، لا يكلف الفرد نفسه حتى للبحث عن صحتها، لأنها من تراثنا المقدس، ومع ذلك يذم ويشتم كل من يتبع تراث آباءه دون أن يلتفت لنفسه بمرآة الوعي.

وعندما يبحث عن الحقيقة تبدأ المأساة، يضع مسلمته العقلية أمام عينيه ويبحث عن الأدلة التي توافقها ويسجلها، والأدلة التي تعارض فكرته يسخفها ويحاول تبيين زيفها، وبالنهاية يصل بأنه هو الحق المطلق الصحيح الباقي الى الأبد.

(تعليقاتكم تعني لي الكثير + انشر رابط التدوينة اذا نالت على إعجابك)