ضجيج وثورة برأسي، لذلك فتحت مذكرات هاتفي المتطور جدًا وبدأت أكتب.
أتيت حامل معي رؤياي، وأوهامي التي أسقيها بروحي، حامل حلمي الذي تخثر، مجرى عروقه إشارة مرور حمراء، ومعتقلٌ بلا أسرى، بل بضحايا كلهم صرعى.
غابرٌ أتيت سحيق كالزمن، أخبئ مخاوفي، أداريها، أرسم ملامحها كلما دق عقرب الساعة، أخشى ضياعها؛ لأنهُ ضياع إنسانيتي.
زوبعة، أفكارٌ تنطح أفكار، أسير حامل بيدي شكٌ لا ينكسر، قلقٌ فِكري، وأرق وعين جففها الأمل، أبحث عن بئر مطمئن الماء، أرمي به دلو محشو "بفكرة" لتغتال الجمود، وكل هذا الركود العالق بحبال ممتد من الماء للماء.
تساؤل خجل، لمَ نحاول قراءة الحياة؟ فلنحاول كتابتها، رسمها.
أراني أسير، بطريق دون جاذبية، وإن صح التعبير، أطير، حول غبار المجرات، أتدثر الإستفهامات، هي تنمو كلما زادت خُطاي، أحاول التمسك بيديك، كأنها الخيط الواصل للوجود، مني انا ذلك العدم المتحرك، أطير، أطير، باحثًا عن عينيك، عن اليقين الذي ينبض بصدري، بكل خشوع أرتل معزوفة العمرِ.
متأمل، للسماء، لهذا المطر، لهذه العواصف، والبرق الذي اتكأ على وحدتي، وضحكات الأطفال، وغمزة أم (لا تخبرهم سر الحياة، لاتغتال ضحكاتهم) دهشة الأطفال، تساؤلاتهم الأبدية، مفهوم الحياة الذي لم يمسسه غبار وأوساخ، الحياة موت للطفلِ، والموت حياة للكهلِ.
محور الكون عند الإنسان يتشكل ويتسع على حجم منظوره للوجود، إتساع حدقة وعيه، وربما ضيق افقه الوهمي، الذي يؤدي به للغرق بحدوده.
الأنثى، كالأرض، هي أمنا الوفية جدًا، تلدنا من رحمها الطاهر، وتدفننا بأرضها المقدسة، ترعى الهواء لنتنفس، وترعى التراب لتغتال وجودنا.
***
موج البحر يضج بداخلي، يستفزني، يلومني، أسير وحيد بقربه، خالي من كل شيء، كل موجة هي نداء يشير للأبدية، تمر بخاطري الإنسانية وهذه الأرواح التائهة، مثلي ربما، وأتساءل لمَ كل هذا الميل للطبيعة، الإندماج بها حد التلاشي، نحن أبناء المدن اغتلنا الطبيعة واتخذنا الإسمنت سترا، مع ذلك نهرب ونلجأ للطبيعة، هل الموسيقى جزء من الطبيعة! تساءل غريب ربما، كل هذا التأثير والعزف الذي يخترق الروح، يجب أن يكون من الطبيعة
***
مفهوم الحياة لدى الآخرين كثير ما يؤرقني، بداخل كل رأس حياة مختلفة، أحب التعمق بهذه الرؤوس والإستكشاف، لأرى العجب، وأتأكد بأنني من كوكب آخر، المفاهيم الأساسية وكيفية تشكيل القناعات، وبناء هرم من المسلمات، شيء معقد جدا، وسهل عفوي! مفاهيم الدين، الحب، الزواج، العمل، الخوف، عجيبة! أقوى عامل مؤثر، هو ملعقة الذهب، والملعقة التي أكلها الصدء، أتحدث عند بداية حياة الشخص، هنالك فعلا ملعقة ذهب توضع بالفم والآخر ملعقة صدءة جدا، وهي تحدد مسار تشكيل المفاهيم الأساسية، العامل الإقتصادي، يشكل حتى الطموحات والأحلام، والحدود، ويتكون مفهوم الإنسان عن هذا الوجود بهذا العامل، الإنخراط بين البشر من كل الأصناف، وتكوين خريطة فلسفية غير مرئية، يمكنك من رسم ملامح الوجود بوضوع غامض، ريشتك تعرف اللوحة، وعينك متعجبة! حدود وجود كل إنسان، شيء محير، لكل إنسان حدود وجوديه، حد وهمي، تشكله التقاليد، الأعراف، العلم، نظرته للحياة والإنسان والكون، يارب أوسع حدود وجودنا
***
توسدت قلبي، هزني نبضي، وهذه الثوان والأيام التي تسير دون ملامح واضحة، أو خريطة مرسومة، مالي ومال ًالطريق، وهذا الترحال الأبدي، انا الروح الغارقة بهذا الوجود، الباحثة عن الهدى، المتعطشة جدًا لخبز اليقين، انا ذلك البشري، التائه بين خلايا التاريخ، ملايين من الخلايا كالجسد، هذا هو التاريخ بضحاياه وأبطاله والمنسيين، خلايا، يتساقط الكثير منها، ويولد الأكثر، وكأنها تسير بدائرة الحتمية، أو تاج من ورود لا تذبل، قلبي معزوفة ينمو بصدرها نص بلا تأويل، وحكايا وكثير من الضحايا، أنى لهذا الظل أن يسع الكون وما علاه، رباه! أنى لهذه العدالة تحيد عن الطريق، الحب .. يارب ما الحب؟ كيف نتلاشى وكأننا ضحايا وباء اجتاح مدينة بأسوار منيعة! رباه! الحرب الحرب الحرب، تلتهمنا، تسير بهذه البشرية للهاوية، الوعي: حلمنا المفقود وندّعي بأننا نملكه، لكننا نسينا بأن آدم قد دفنه بالفردوس قبل أن ينزل لهذه الأرض، حواء لم تكن تدري، أو ربما أغمضت عيناها برضا، راضية مرضية كأنفسنا التي ستعود
***
أشعر بوحدة الكون، بغربة النجم بالفضاء، بعتمة السماء
إختناق يعتريني
بيادق من ظلام تنهش بروحي، وحشة تغزو صدري
كم مضى، من العمرِ؟ لست أدري
كم تبقى من الليلِ؟ لست أدري
كأنّ جسدي غفى ألف عام، واستيقظ وعيناه مليئة بالوعي، بالمطر، ما لهذا القمر! يقف هكذا كالصنم، اضرب بضوءك كل هذا الظلام، والوحشة، والوحدة
***
مسكت قلمي الأحمر والموت يلثمني على عجلٍ: هبني ترف الرثاء، وكفّني بالعتمة، فالصبح بعيد، والليل سبعون عجاف، دعنا نقف على شباك الأنبياء، ونقرأ سِفر التكوين ونضرب الدهر لينقسم نصفين، فيغرق المعنى، ويزورنا وعيٌ، يمسح بيديه على عقولنا، أود تأويل نص الرياح، لكن قلق الرواة يُربكني، فتهتز روحي، وتثبّتها ملائكة بأجنحة لطالما عانقت الدعاء، ياربي سجدتُ كثيرًا، لكنني سهوت عن الشكرِ، لستُ بزنديق ولا قديس، انا الإنسان لي رئة ولسان، وكثيرٌ من الزلات والويلات لي، انا الذي جعل الزمان يعض على شفتيه ندمًا، وجرح التاريخ لم يلتئم بعد، فقط حملت سيفي وداعبت شريان أحداث لم تنتهي، ولم تبدأ بعد، عينايَ لم تعد ترى، إلا السراب وما انطوى، سألت الحلم متى سينتهي هذا الأرق؟ متى سأستيقظ وأرها جلية أمام عيني؟ أزاح الأرق الغيم عن عينيه وهمس لي: الموت أيها الإنسان، هو ينبوع الحقيقة والسلام، سلام أبدي جلي، ستراه ببصر من حديد، سينصهر الزيف، وتنفذ رصاصات الضباب، ستلمح الحزن يغلق دكانه وهو حزين، وهل للحزنِ حزنُ! تساؤل كئيب، لا تلقي له بالًا، أنظر هناك للزواية الدائرية، هؤلاء شعراء صُلبُ على قافية فقدت توازنها حتى تمردت، أنظر هناك حيث الحشود، هذه سوق آلات الكلام، كثيرةٌ هيَ، سلسلة لا تنتهي مصنوعة من حنجرات من نحاس،. ورؤوس لا تبتغي غير الشعر وتاج من تراب.
يقلبني الدمع ذاتَ اليمين وذات الشمال، لبثت ألف غصة وندبتين، لم أمتلك أملًا لشراء بعض سنين، لأروي عطش اليقين، لأمسح الغبار من على وجود هش الخلايا، خجل الوجنتين، لأرى الفرق بين جرائم الحرب، وجرائم الحب! لأسافر للوعود التي لم تصل، وأسأل لمَ التأخير وعمر الإنسان في الدنيا قصير، لا يحتمل الصبر والإنتظار، كلمح البصر ينتهي العمر، وانا عالق بين تحقيق وعد وحلم
***
كن العاصفة والتيار، اصنع دربك ولا تتنظر كثيرًا، فالعمر شهاب سريع، يضيء وينطفئ كلمح البصر

ادامك الله !
ردحذفملعونة تلك الملعقة، نولد وهي في فمنا، تفرض علينا توقعات اصحابها ان كانت ذهبية فلك ان تكون كأصحابها تلتزم باعرافهم و تمشي على مذهبهم وان حدت عنه ذكروك بالملعقة وكيف ان وجودها يعني وجودك. وإن كانت صدئة فسيذكرك طعمها ببؤسك و استحالة احلامك وان لفظتها يومًا وحاولت استبدالها سيظل طعمها في فمك يذكرك ببداياتك فيجعلك اما بخيل خائف او مسرف طائش .. ملعونة تلك الملعقة .. ليتنا نولد بلا ملاعق بلا ملابس وبلا اسماء تنسب لنا تفرض علينا ان نكون شخصًا معين
ردحذف